القصد الجنائي في القانون الجزائري
أشار
قانون العقوبات الجزائري في كثير من مواده إلى القصد الجنائي ، وذلك
باشتراط ضرورة توافر العمد في ارتكاب الجريمة دون أن يعطي تعريفا له، أسوة
بغيره من قوانين العقوبات .
ولقد حاول الفقه إعطاء تعريف للقصد
الجنائي، حيث يمكن أن نعرفه بأنه توجه الرغبة و الإرادة لتحقيق هدف معين و
فرز آثار ضارة ، أو أنه انصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع العلم
بأركانها كما يتطلبها القانون
.فالقصد
الجنائي يستلزم إتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل المعاقب عليه مع تحقيق
نتيجة المقصودة إلى ارتكاب ذلك الفعل ، إذ لا يكفي توقع الجاني أو تصوره
للنتيجة المترتبة عن فعله. فمثلا جريمة القتل العمد تتصرف إرادة الجاني إلى
ارتكاب فعل إطلاقه النار وفي نفس الوقت تنصرف هذه الإرادة إلى تحقيق
النتيجة وهي إزهاق روح المجني عليه
.أولا: عناصر القصد الجنائي1/ الإرادة: تؤلف الإرادة العنصر الأساسي في القصد الجنائي وفي الركن المعنوي على
العموم وهي قوة نفسية تتحكم في سلوك الإنسان فهي نشاط يصدر عن وعي وإدراك
لبلوغ هدف معين
.أخذ المشرع الجزائري بنظرية الإرادة في القصد حيث ميز بين الجرائم العمدية والجرائم غير عمدية.
2/ العلـــــــم: لتوفر
القصد الجنائي لابد من توفر عنصر العلم و إذا تخلف ينتفى القصد الجنائي
وبالتالي ينعدم الركن المعنوي فلا تقوم الجريمة ويمكن تعريفه بأنه حالة
ذهنية أو قدر من الوعي يسبق تحقق الإرادة ويعمل على إدراك الأمور على نحو
صحيح مطابق للواقع
.
مثال ذلك فمن يقتل علما أن السلاح الذي طعن به المجني عليه من شأنه أن يحدث الوفاة.
أ/ العناصر الواجب العلم بها
:- العلم بموضوع الحق المعتدى عليه.
- العلم ببعض الصفات سواء بالنسبة للجاني أو المجني عليه في بعض الجرائم كعلم المرأة التي تحاول إجهاض نفسها بأنها حامل.
- العلم بزمان أو مكان ارتكاب الفعل في بعض الجرائم كجريمة السكر العلني.
- العلم بالضرورة المشددة التي تغير من وصف الجريمة.
- توقع نتيجة.
ب/ العناصر التي لا يتطلب القانون ضرورة العلم بها:
-
عناصر الأهلية الجنائية فمن يرتكب جريمة وهو يعتقد أنه دون السن
القانوني الذي يسمح بمساءلته جنائيا ، يسأل و لا يؤخذ بعدم علمه.
-
الشروط الموضوعية للعقاب لا تحسب من بين عناصر الجريمة فالجاني
يعاقب على جنايته المرتكبة في الخارج سواء أعلم الجاني بأن قانون بلاده
يعاقبه أم لا.
- الظروف المشددة التي لا تغير من وصف الجريمة.
ثانيـا: الأسباب النافية للقصد الجنائيالقصد
الجنائي هو علم وإرادة فإذا انتفى احدهما انهار القصد الجنائي وعلى ذلك
فالجهل أو الغلط و الخطأ في الجريمة الغير عمدية في عناصر الجريمة وأركانها
ينفي القصد الجنائي
.1/ الغلط في عنصر من عناصر الجريمة: مثال
ذلك من يصطاد في غابة فيطلق النار على إنسان حسبه حيوان من حيوانات الصيد
فقضى عليه . ففي هذه الحالة يجهل الفاعل أنه يطلق النار على إنسان حي ومن
ثم ينتفي لديه قصد إزهاق روح إنسان.و كذلك الشأن من يأخذ حقيبة غيره عند
نزوله من القطار أو الحافلة معتقدا أنها حقيبته فوقوعه في هذا الخطأ ينفي
لديه القصد الجنائي.
2/ الغلط في الظرف مشدد: إذا كان الغلط في ظرف مشدد يغير من وصف الجريمة فإنه ينبغي أن يعلم به الجاني كي يتوافر لديه القصد الجنائي.
3/ الغلط في صفة تتعلق بمحل الجريمة: مثال ذلك من يسرق ساعة معتقدا أنها من الذهب الخالص ففي هذه الحالة الغلط لا ينفي القصد.
4/ الغلط في القانون: القاعدة
أن الغلط في قانون العقوبات أو الجهل بأحكامه لا تنفي القصد الجنائي إذ
يفترض علم الكافة بأحكامه، فلا يجوز لأحد أن يعتذر بالجهل في قانون
العقوبات.
الا انه إذا انصب الجهل أو الغلط على وقائع لا يتطلب القانون العلم بها فيعد غلطا غير جوهري ولا يؤثر في القصد
. أما الجهل أو الغلط في القوانين الأخرى غير قانون العقوبات فإنه ينفي القصد الجنائي.
رابعـا: صور القصد الجنائيللقصد الجنائي عدة صور تختلف الواحدة عن الأخرى
.1/ القصد العام : وهو اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع علمه بتوفر أركانها التي يتطلبها القانون وهذا القصد نجده في كافة أنواع الجرائم.
2/ القصد الخاص: ويتمثل في الغاية التي يقصدها الجاني من ارتكاب الجريمة فضلا عن إرادته الواعية لمخالفة القانون الجزائي.
3/ القصد البسيط : يتمثل في أعمال العنف التي تؤدي إلى مرض أو عجز كلي عن العمل لمدة لا تتجاوز 15 يوما وهي مخالفة بسيطة.
4/ القصد المشدد: يقصد
بهسبق الإصرار والترصد الذين يشددان الوصف و العقاب. ويقصد بسبق للإصرار
عقد العزم قبل ارتكاب الفعل على الاعتداء على شخص ، ويقصد بالترصد انتظار
شخص لفترة من الزمن للاعتداء عليه.
5/ القصد المحدد: هو
الذي يتوفر لدى الجاني عندما يعقد العزم على ارتكاب جناية أو جنحة معينة
مثل القتل والسرقة في حق شخص معين. كما يكون محددا أيضا إذا أراد الجاني
النتيجة حتى وإن كان لا يعرف هوية الضحية
.6/ القصد غير المحدد: عندما
تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب فعل إجرامي غير مبالي بشتى النتائج التي قد
تنتج عن فعله . مثل ذلك من وضع قنبلة وسط جمع من الناس