مولاتي جميلة الإدارة العامة
آخر مواضيعي : الجنس : البلد : تاريخ التسجيل : 20/04/2010 عدد المساهمات : 1338 نقاط النشاط : 29461 المزاج : الحمد لله التقييم : 100 الإشراف : قسم الطلبات
قسم الشعر والخواطر
أوسمة العضو : الموقع : www.mawlatidjamila.keuf.net تعاليق :
| موضوع: العلامـــــات ... الجمعة يونيو 01, 2012 10:58 pm | |
| اتذكر الان كلامك الذي همست به ذات يوم وانت تهم بالجلوس الى جانبي في قاعة المحاضرات بالكلية التي كانت قد جمعتنا ولكن لم نكن ندري بذلك. قلت :" انت امرأة عميقة جدا.لا اعرف فيك الا الفتات .وما تريدين انت ان اعرفه" تذكرت هذا الكلام , و تذكرت معه كلام نتشه" لقد حذقت يوما في عينيك ايتها الحياة ,فحسبتني هويت الى غور بعيد القرار,غير انك سحبتني بشباك من ذهب و اطلقت قهقهة ساخرة عندما قلت ان غورك لاقرار له,واجبت:هذا ما تقوله الاسماك جميعا, فهي اذ تعجز عن سبر الاغوار تحسبها لا قرار لها. وهل انا الا المتقلبة النفور؟وهل انا الا أمرأة ؟. "جعلني هذا الكلام النتشوي اعيد صورة حياتي في لحظات, كأني ابحث في ذاكرتي عن شئ مفقود, اقلبها صفحة ,صفحة,صورة,صورة,حتى بعض الذكريات التي عشعشت في ضواحي ذاكرتي بدون ترخيص, رحت ابحث فيها , اقلبها , اثارتني ذكريات لم اكن انتبه لها و هي تحاول ان تسكنني خلسة ,قلبتها .كما تقلب و تخلط عجينة تأبى على الانقلاب و الخلط, اليس هذا زمن الانقلابات ؟ لم ابحث عن جواب , كما اني لم اهتم, مرت ذكريات الضواحي بسرعة ,لم التفت اليها, لانها لم تحاول ان تشدني بشئ.ليس فيها ما يهم , بقدر ما يهم الان ان ابحث عن ذكرى اخرى تساعدني على اكمال قصتي.اعود اليك الان فكلامك لم يكن عاديا. ماذا تقصد بذلك ؟ سألتك لم تجب كعادتك فالصمت هو اخر الجواب لديك. عدت الى كتابي .كانت حركتي تلك مستفزة لوجودك قربي. طلبت مني الخروج مساء لنبحث معا عن جواب لسؤال طرحته عليك. اضحكني اقتراحك. ضربنا موعدنا في مقهى"ماليزيا" قلت ستجدينني انتظرك طبعا , فانت تتقنين التأخر في كل شئ.. الان ايضا ترسل اشارة اوعلامة لم افهمها ,ما فهمته ان هذا الكون مليئ بالعلامات و لكي نفهمه يجب علينا ان نحل كل شيفرة, كل الرموز,كل النوافذ,لكني لا استطيع الان فانا لا اجيد قراءة طالع الكون.دخلت المقهى تجولت بنظري فيها , لمحته في ركن مظلم منها , هاهو يحتسي قهوته المرة كالعادة, يغازل فنجانه, يتجول باصبعه فيه بشكل دائري, كما يغازل أمرأة كانت هنا و لم تعد,يحتسي قهوته كأنه يذكر شيئا لم يعد, ينظر الى فنجانه كمن يقرأ مسقبله , يتجول به كما يتجول في جسد امرأة, يمرر شفتيه بانسياب فطري. أراهن ان هذه الحركة مع الفنجان ايضا علامة يجب قراءتها .لكن قبل قراءة كل العلامات و كل الشيفرات التي و اجهتي وصادفتها هذا الصباح , يجب قراءة مرسل الشيفرة انه المشتبه به اليس هكذا نقول عندما نشك في حدهم.هب بالوقوف في حركة انيقة توحي بأحترافيته لحركة سحب الكرسي ودعوة المرأة للجلوس "تفضلي سيدتي" شكرا . عاود الجلوس, ازاح الفنجان من امامه وأمر النادل باتمام انزياحه, فقد حضرت التي يستطيع فك تفاصيلها ,وسبر اغوارها, وقرائتها من الداخل .ألم يقل :"انك أمرأة عميقة". نبدأ الان لغة العلامات و الاشارات التي لا تنتهي, تبدأ لغة الصمت بالتحدث, انه صخب الخطاب الصامت، يملأ هذا الركن المظلم من هذا" الكافي"اختياره له لم يكن صدفة ,فهوعلامة ايضا, تساءلت لماذا؟ هل في انطفاء لانواره انطفاء لشئ ما؟ انطفاء لوجود صاخب ؟, كيف اختار الظلمة ليسكت اسئلته الرجولية تجاه امرأة قال عنها امرأة عميقة,(و يشعل اسئلتي التي لا تنتهي) لا يستطيع قراءة خفاياها, هل هو اسكات لأسئلة ام دعوة لأجوبة جسدية, اعرف الان انك ستعلن عن رهان مع نفسك لقد سمعتك تهمس في ذهنك" سأقرئك ,اعدك, لن اكف عنك حتى اتقن قراءتك واحفظك عن ظهر حب" هذا ما همس به هيكله الذي عرفته , كانت لعبتي المفضلة :" لعبة قراءة الاجساد". بعد ان تحدث الصمت بينهما وأمر لها بشئ تشربه, قبل ذلك بسرعة استدرك هفوته بسرعة سائلا اياها: ماذا تشربين ؟ انا اريد كأس عصير, فأنا اشعر بحرارة , استبق جوابها بجوابه, كأنه يسأل نفسه , ردت: انا ايضا . أهي حرارة صيف لم يحن بعد ؟ام صيفه الذي حان , فالرجال كما اعرف تمر بهم فصول السنة في لحظة ما يكونون في حضرة انثى, فحرارة صيف تتحول الى شتاء ماطر بعد ان يمر خريفه بجسد أمرأة, وحدها الانثى تجعله يمطر ,هي الارض ,هي البحر الذي يتبخر فيمطر, هي الدورة الطبيعية بامتياز, هي كل الظواهر الطبيعة التي يمر منها,هي ثلجه الذي يذوب فوق الارض بكل عنفوان, هي قطراته,.. هذه هي القراءة الاولى: ألم يقل لها انك عميقة, وسأسبر اغوارك, انه الان منتشي بسعادته الرجولية .ألم يقل "نتشه":" وما قلب السعادة سوى تجسيد للغوص في كل شئ, في كل اتجاه: فما اكثر المجاهل والخفايا" هو يغوص في اعماق أمرأة عميقة, وأنا أقرأ العلامات و الاشارات.هو يسعد لأول غوصة له فيها, لكشف الخفايا .وأنا افكك و استنطق على غرار" دريدا" كل شيفرات وجوده المادية و اللامادية... ما ابدعك ايتها القطة , هكذا يناديها دوما ، استيقظت من نومة فكرية عميقة بين عينيه كأنه سحرها بغتثة، اوه، الوقت يمر بسرعة، اه ايتها القطة نحن من يمر بسرعة، و نترك رائحة وجودنا في كل مكان، لقد تخشعت في حضرتك و اتمنى ان يتكرر الطقس مرة اخرى ، فانا احب ان القاك باستمرار. هكذا همس في اذنها بسرعة وهو يمرر شفتيه بخفة فوقها. هم بالوقوف و بحركة خفيفة مد يده الى جيبه فاخرج بقشيشا ووضعه فوق الطاولة التي كنا فيها و شهدت على قرائتنا لكل واحد منا.. اشار الى النادل ليدفع له ثمن قهوته و عصيري...
بقلم : بورزيق سميرة
*************** | |
|