هل تأثير العولمة على الشباب من شأنه أن يسهم في صقل شخصيته ؟
تحتل إشكالية العولمة وتأثيرها على الشباب أو لوية البحث بين موضوعات وقضايا الشباب، والتي أخذت تحظى بمساحات متزايدة من الاهتمام على الصعيد الرسمي وغير الرسمي بهدف إعداد الشباب وتأهيلهم لصناعة المستقبل وتمكينهم من أسباب النهوض الفكري والتربوي والعلمي والتقني في ظل العولمة التي أضحت حقيقة واقعة وأكثر صلة وتأثيراً في الشباب حاضراً ومستقبلاً.
الشباب يشكلون أعلى الفئات السكانية تمثيلاً في الهرم السكاني وأكثر الشرائح التي تتحدد بهم ملامح المستقبل و تمكين الشباب من امتلاك ادوات الفعل الحضاري والتفاعل مع معطيات عصر العولمة وتحقيق الاستفادة القصوى من إيجابيات العولمة، وتقليص ما يمكن تقليصة من آثار ها السلبية.. الدراسة تقدم قراءة تشخيصية لواقع الشباب وانعكاسات العولمة عليه ومعرفة رغباتهم ومقترحاتهم لتعاملهم مع تقنيات العولمة بصورة أفضل، واستخلاص الرؤى العلمية من شأنها أن تسهم في صقل شخصياتهم وتأكيد هواياتهم وولأئهم لوطنهم، وانتمائهم لأمتهم بقيمها ومبادئها ورسالتها الحضارية، وتمكينهم من التعامل مع متطلبات العولمة بكفاءة وفاعلية عالية وقدرة علمية يحققون بها أقصى درجات الاستفادة من إيجابيات العولمة، وإزاحة التوجس الذي لا مبرر له من العولمة، والذي ظل يراود مجتمعنا العربي لعقود سابقة جراء التأثير الثقافي الغربي على المجتمعات العربية، وعلى الشباب بوجه خاص، والذي تجاوز اقتباس أسلوب الحياة الغربي الى الذي الأخذ بدرجة أو بأخرى بمنظومة القيم الثقافية والاجتماعية والأخلاقية والفنية الغربية بما يهدد، ويعصف بالهوية الثقافية للشباب الغربي.
وضاعف من هذا التوجس انهيار الحواجز والحدود بين الدول والمجتمعات والثقافات في ظل التعرض لأدوات العولمة المتثلة بوسائل الاتصال شديدة التأثير على المجتمعات العربية، وعلى القطاع الشبابي بإعتباره الأكثر استجابة لمثل هذه المؤثرات.
وفي حال لم يحُصن هذا القطاع ضد المؤثرات أو عدم قدرته على التعامل معها تعاملاً نقدياً يؤدي إلى تبين أبعادها وآثارها ونتائجها وممارسة عملية اختيار يحدد بمقتضاها ما يأخذه أو يرفضه منها، فإن العولمة لابد أن تضعف النسيج الثقافي، خاصة أنها لا تعد عملية تمارس من خلالها الثقافات المختلفة أدواراً متعددة ومتوازنة فقط بل أصبحت عملية ذات قناة واحدة طرفها الأول هو المؤثر الأساسي الذي يسعى إلى عولمة نفسه، والثقافة الغربية بوجهها الأمريكي والثاني وهو الثقافات الوطنية لشعوب الأرض المختلفة ومنها الثقافة العربية الإسلامية وفي الوقت ذاته مازال الشباب العربي يعيش صعوبات وتحديات كبيرة تزداد تداعياتها في ظل التحولات الدولية الجارية، ما أدى إلى أن يسود القلق تجاه معظم مؤشرات التنمية الاجتماعية في جزء كبير من وطننا العربي فمع جهود التوسع في تعميم التعليم ما زالت الأمية تشكل نسبة عالية وما زالت الفجوة كبيرة بين خريجي التعليم واحتياجات سوق العمل من الموارد البشرية وما زالت البطالة بين الشباب متفشية ا لأمر الذي يقتضي إصلاح التعليم بما يكفل جودة التخرج وتأمين فرص عمل ملائمة والتأمين الاجتماعي على نحو يوفر الطمأنينة والأمان الاجتماعي..
ولا يغيب عن البال أن إحداث التغيير في نسق النظام التربوي ومفاهيمه لابد ان يترتب عليه بناء العقل الشبابي على أساس الحرية والإبداع والقدرة على التفكير والابتكار والكشف والاختراع فلدى الشباب الطاقة الخلاقة والروح الوثابة والقدرات البدنية والفكرية والعطاء والإيثار والتضحية ما يضع مختلف مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني أمام مسؤوليها في العمل على إعادة إعمار الأنفس والذهنيات قبل الماديات وبناء مجتمع الكفاءة والنباهة والعدالة والشفافية.
ولكي نستشرف مستقبلاً واعداً لشبابنا، يتوجب على مختلف مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني أن تكثف جهودها وتبذل المزيد من الأعمال وتفعيل الخطط والبرامج والاستراتيجيات المتعلقة بالشباب وأن تتجه بكل إمكاناتها إلى معرفة توجهاتهم والاقتراب من همومهم واهتماماتهم وما ينبغي توفيره لهم من عناصر ومهارات المعرفة وأخلاقيات الحياة وانضباط العمل ودقة الأداء وإنسانية التوجه وبما هو مطلوب ترسيخة فيهم من مفاهيم واتجاهات إيجابية يستطيعون من خلالها مجابهة تحديات العولمة والتفوق على الصعاب والمشكلات بمرونة وعقلانية تحليلية.
إن تزايد الحجم الكمي للشباب كأفراد وكطاقات كامنة يتطلب اقتراباً أكثر من همومهم واهتماماتهم وقضاياهم والبحث في أفضل صيغ توجيههم وتثقيفهم وكيفية استثمار قدراتهم بصورة أفضل، ومن ثم كيفية إدماجهم في الدولة والمجتمع باعتبارهم رأس مال بشري فاعل، الأمر الذي يحتاج إلى فهم فئة الشباب من الداخل، ولا يمكن التعبير عنهم أو الحديث باسمهم إذ لابد من أن تسمع مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني أصواتهم ومطالبهم فالشباب كفئة عمرية هم الأكثر عرضة للتغيرات الاجتماعية والثقافية والسياسية وفي تذبذب علاقاتهم وتفاعلاتهم وهي فئة لا تحظى بالاهتمام الكافي من حيث الأبحاث والدراسات المواكبة لتعدد وتنوع أنماط التفاعل بين الشباب والعولمة وتسارع حركيتها ، وهو ما يوجب في رسم السياسات الراهنة والمسقبلية معرفة أنماط التفاعل بين الشباب والعولمة وهنا يتمحور الهدف الرئيسي في تقديم قراءة تحليلية لكيفية وعي الشباب بمفهوم العولمة وآليات تعاملهم معها ومدى معرفتهم بالسلبيات و الإيجابيات التي ترتبط بها.
في هذا الاطار نقدم :
ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ الجامعي ﻭالهوﻳﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ في ﻇﻞ ﺍﻟﻌﻮلمﺔ ﺍلجدﻳﺪ:
http://www.damascusuniversity.edu.sy/mag/human/images/stories/409-439.pdf